النظر في أكبر قضية مخدرات
تقدم المحامي عبدالرحمن غنيم بطعن أمام محكمة التمييز، في واحدة من اكبر قضايا تهريب وبيع المخدرات التي شهدتها مملكة البحرين مؤخرا، اذ وصل اجمالي كميات المخدرات المضبوطة في القضية الى 350 كيلوجراما من مادة الحشيش المخدرة. وبحسب لائحة الطعن فإن الطاعن (المتهم الثاني عشر) في القضية، رفض استئنافه شكلا وموضوعا، دون مبرر قانوني، وذلك بعد أن حكمت محكمة أول درجة بمعاقبته بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريمه مبلغ خمسة ألاف دينار. وتتحصل وقائع القضية في أن النيابة العامة اسندت للطاعن انه في غضون شهر نوفمبر 2006 انه اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين في استلام المواد المخدرة وبيعها والحصول على ثمنها فتمت الجريمة وأحيلت القضية إلى المحكمة الكبرى الجنائية برئاسة الشيخ محمد بن علي آل خليفة والتي قضت بجلسة 3 مارس 2008 حضورياً بالنسبة الى المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر (الطاعن) وغيابياً بالنسبة للخامس والسادس بالآتي :
أولاً : معاقبة كل من المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس بالسجن المؤبد وتغريم كل منهم مبلغ خمسة آلاف دينار عما اسند إليهم .
ثانياً : معاقبة كل من المتهمين السابع والثاني عشر (الطاعن) بالسجن لمدة عشر سنين وتغريم كل منهما مبلغ خمسة آلاف دينار عما اسند إليهما .
ثالثاً : معاقبة كل من المتهمين التاسع والعاشر والحادي عشر بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما مبلغ ألف دينار عما أسند إليهم .
رابعاً : مصادرة المواد المخدرة المضبوطة.
ولم يرتض الطاعن هذا الحكم فقرر الطعن عليه بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف العليا الجنائية الدائرة الأولى. وقد تم ضم استئنافات المتهمين الآخرين إليه وبجلسة 27/9/2009 قضت المحكمة حضورياً لجميع المستأنفين .
أولاً : بعدم قبول استئناف كل من ، المتهم الاول والثاني والثالث، والثاني عشر الطاعن، بالاضافة الى المتهم الرابع والسابع والثامن والتاسع.
ثانياً : بشأن المستأنف العاشر قبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً .
ثالثاً : قبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن متهمين في القضية وبراءتهما مما أسند إليهما .
من جهته اعتبر المحامي عبدالرحمن غنيم ان “الحكم فيما قضى به بالبند أولاً بعدم قبول استئناف الطاعن شكلاً قد خالف صحيح القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وشابه عيب مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال”.
واشار غنيم الى ما نصت عليه المادة (216) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه “ يجب أن يحضر محام مع كل متهم في جناية، وعلى المحامي الموكل أن يخطر المحكمة باسمه قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بأربعة أيام على الأقل.فإذا تبينت المحكمة أن المتهم في جناية لم يوكل عنه من يدافع عنه من المحامين ندبت له محامياً”.
ولفت في هذا الشأن الى ما قضت به محكمة النقض المصرية بأنه “أوجب المشرع حضور مدافع عن كل متهم بجناية أحيلت إلى محكمة الجنايات لنظرها ولا يتحقق هذا الغرض إلا إذا كان المدافع قد حضر إجراءات المحاكمة من أولها حتى نهايتها فلا بد أن يتم سماع الشهود وطلباته في وجوده بشخصه أو ممثلاً فيمن ينوب عنه وإذا لم يتحقق ذلك في هذه الدعوى فإن الحكم يكون معيباً ببطلان الإجراءات مما يستوجب نقضه”.
وقال غنيم “ان الثابت من الأوراق التي كانت مطروحه على محكمة الاستئناف أن الطاعن لم يتمثل عنه محامياً أمام محكمة أول درجة ولم يتقدم عنه بمرافعة شفوية أو مكتوبة ، فإنه كانت يتوجب على محكمة أول درجة أن تندب محامياً للترافعه عنه مادام من حضر معه من المحامين لم يتقدم عنه بمرافعة تثبت حقه في الدفاع عن نفسه أما ولم تفعل فإن حكمها يكون معيباً إلى درجة الانعدام ، وكان على محكمة الاستئناف أن تتأكد من صحة الإجراءات القانونية في المحاكمة باعتبارها من النظام العام وتعيد القضية لمحكمة أول درجة لإعادة نظرها طبقاً للأحكام والإجرءات القانونية الملزمة والمنصوص عليها بالمادة 216 من قانون الاجراءات .
وأضاف “ان عدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة دون أن تتأكد محكمة الاستئناف من صحة الإجراءات القانونية المتبعة في محاكمة الطاعن من تلقاء نفسها فإن حكمها يكون مشوباً بالبطلان”.
وطلب المحامي غنيم بوقف تنفيذ العقوبة عن الطاعن، استناداً إلى نص المادة (41) من القانون رقم (9) لسنة 2009 المعدل لبعض أحكام قانون محكمة التمييز والتي أجازت طلب وقف تنفيذ الحكم لحين الفصل في الطعن، معتبرا ان الثابت من أسباب الطعن يرجح نقض الحكم وإلغائه.
وكانت القضية قد بدأت ببلاغ إلى السلطات الكويتية من أحد مواطنيها، أفاد بأن لديه معلومات عن كمية كبيرة من الحشيش، منشؤها باكستان، ونقلت براً عبر إيران ومنها إلى البحرين عن طريق الخليج، وأنها معدة لإعادة تصديرها إلى إحدى دول مجلس التعاون، وقدم المواطن الكويتي رقم هاتف بحريني قال إنه لشخص ممن يملكون هذه الكمية، وقامت السلطات الكويتية بإبلاغ هذه المعلومات إلى السلطات البحرينية، وبدأت على الفور عملية التنسيق للقبض على المتهمين وبحوزتهم كمية الحشيش.
وتأكدت هذه المعلومات الموجودة لدى الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية وقسم مكافحة المخدرات، ومفادها وجود كمية من الحشيش دخلت البحرين، حيث كان يتم التحري عنها وعن أصحابها، ومن خلال رقم الهاتف تم التوصل إلى أول اسم من أفراد المجموعة، ومن خلاله تم التعرف على باقي المتهمين.
وتم التنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات في الكويت لعمل كمين محكم، لرغبة الشرطة البحرينية في ضبط المتهمين في حالة تلبس، مع كمية المخدرات التي بحوزتهم، ولذلك تم الاتفاق على أن يقوم مصدر سري كويتي بالاتصال بهم في البحرين، ليطلب منهم 500 كيلوجرام من الحشيش، وفي لقاء بينهم أخبره المهربون أن لديهم 300 كيلوجرام فقط، فتم الاتفاق على الصفقة التي بلغت قيمتها 275 ألف دينار، وتحديد مكان وشروط التسلم وتحديد الموعد.
وقامت الإدارة العامة بعمل كمين بالتعاون بين عدد من الأجهزة الأمنية، وعلى الفور انتشرت الكمائن السرية حول المكان لمراقبة عملية التسليم والتسلم، وفي الموعد المحدد حضر شخص (22 سنة) يركب سيارة جيمس محملة بـ 15 جوالاً بها 300 كيلوغرام من المخدرات، وكان المصدر السري واقفاً بانتظاره، بينما رصدت أجهزة الأمن شخصين يراقبان العملية من مكان قريب فتم العمل على تقريب بعض الكمائن منهما.
وأثناء عملية التسليم انقض رجال الأمن على المتهم الموجود في السيارة وتم ضبطه متلبساً، وبدأت على الفور ملاحقة الشخصين الآخرين، فتم إلقاء القبض على أحدهما، بينما تمكن الآخر من الفرار حيث جرت ملاحقته، بعد رصد عدد من الأماكن التي يحتمل اختباؤه بها.
صحيفة البلاد