5 سنوات سجن لموظف مرتشي بـ”المباحث” أفشى أسرار عملاء بنك

img
المحكمة برأت الرئيس التنفيذي للبنك وأعفت مديره وأوقفت حبس موظفين

5 سنوات سجن لموظف مرتشي بـ”المباحث” أفشى أسرار عملاء بنك

عاقبت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى موظفا في إدارة المباحث الجنائية بالسجن لمدة 5 سنوات وبتغريمه مبلغ 10600 دينار قيمة رشوة تحصل عليها على مدار 3 سنوات بواقع 300 دينار شهريا ليفشي أسرار جهة عمله لدى أحد البنوك التي تقدم تمويلا للمشاريع الصغيرة من خلال إبلاغ البنك بالمعلومات الجنائية السرية حول العملاء المتقدمين بطلبات الحصول على القروض متناهية الصغر، حتى تم اكتشاف الواقعة من قبل مصرف البحرين المركزي.

وقضت أيضا ببراءة الرئيس التنفيذي للبنك المشار إليه عما نسب إليه من تهمة الاشتراك مع الموظف سالف البيان نظرا لتشككها بصحة الواقعة في حقه خصوصا وأنه لم يكن يعلم بوظيفته لدة وزارة الداخلية، كما أعفت مديرة العمليات بالبنك من العقاب نظرا لاعترافها بخصوص الواقعة قبل اتصال علم المحكمة بها، فيما حبست موظفين اثنين بالبنك كانا على تواصل مع الموظف، بناء على عقد أبرمه البنك مع موظف التحقيقات حصل بموجبه على مبلغ 300 دينار شهريا، للحصول على تلك البيانات، وذلك لمدة سنة واحدة، وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة حبسهما لمدة 3 سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا.

وقائع الأسرار 

وذكرت المحكمة أن تفاصيل الواقعة تتحصل في أنه بغضون شهر أبريل 2014 تولى المتهم الثاني منصب الرئيس التنفيذي للبنك، والذي يتولى إقراض الأشخاص الراغبين في الاستثمار في المشاريع المتناهية الصغر، ومن ثم فقد طلب مصرف البحرين المركزي منه الاستعلام عن المقترضين من حيث حالتهم الجنائية والمالية قبل منح القروض لهم، ولكن هذا الأمر لم يلقى قبولا لدى العملاء.

فلجأ إلى طريقة أخرى بمقتضاها يقدم الراغب في الحصول على قرض بيانات عن 3 إلى 5 أشخاص وأرقام هواتفهم وعلاقاتهم به، إلا أن هذا المقترح أيضا لم يلقى قبولا لديهم، مما نتج عنه قلة مبالغ القروض وخسائر للبنك، الأمر الذي دعاه أن يطلب من الإدارة العامة للبنك أن يبحثوا عن شركة يتم التعامل معها بخصوص الحصول على بيانات العملاء طالبي القروض إلا أنهم لم يعثروا على شركة تقوم بمثل هذه الأعمال.

آنذاك عرضت عليه المتهمة الثالثة بصفتها مديرة العمليات بالبنك اسم المتهم الأول باعتبار أن لديها معرفة سابقة لأعمال بمثل هذا المجال، وأنها تربطها به علاقة شخصية، ومن ثم أعطاها التعليمات بالتعاقد معه، رغم علمها أنه يعمل بوزارة الداخلية، فوافق المتهم الأول على التعامل مع البنك على أن يتقاضى مبلغ 300 دينار شهريا مقابل تزويده للبنك بالمعلومات عن مدى تعثر العملاء طالبي القروض أو وجود أية قضايا شخصية أو قانونية أو سياسية أو إرهابية، وأبرم العقد فيما بينهما على هذا الأساس ووقع عليه بصفته المخول بالتوقيع عن البنك دون أن يلتقيان أو يتعرف على وظيفته.

ونفاذا لذلك العقد قام المتهم الأول بصفته موظفا عاما بالإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بوزارة الداخلية بإمداد البنك بمعلومات سرية عن الحالة الجنائية للعملاء المتقدمين للحصول على قروض، والذي كانت ترد إليه أسمائهم في كشوف من البنك عن طريق المتهمين الرابع والخامس بناء على طلب المتهمة الثالثة، رغم علمهما أنه يعمل في وزارة الداخلية، وذلك من خلال برنامجيBBM  أو kik.

ودخل موظف التحقيقات على نظام نجم التابع للوزارة والمرخص له بالدخول إليه بسبب عمله لتنفيذ قرارات النيابة العامة والمحاكم، وحصل منه على كافة المعلومات الأمنية الخاصة بالعملاء الذين وردت إليه أسمائهم بالكيفية سالفة البيان، والتي تتمتع بالسرية كونها غير متاحة، ولا يمكن إلا لمن رُخِّصَ له بالدخول للنظام سالف البيان التوصل إليها، وأرسلها لهما بذات الطريقة، فقاما بتدوينها بكشف استمارة التحري، وأنه كان يتوجه في نهاية كل شهر للمتهمين الرابع والخامس ويوقع على ذلك الكشف ويضع التاريخ ويتسلم شيكا بالمبلغ المتفق عليه.

وبلغ إجمالي المبالغ التي تقاضاها نظير اتجاره بوظيفته 10600 دينار، إذ استمر هذا الوضع حتى تم اكتشاف أمر التعاقد مع المتهم الأول مع البنك من قبل مصرف البحرين المركزي في أغسطس عام 2019، وقد اقر المتهمون جميعا عدا الثاني بقيام المتهم الأول بإمداد البنك بالمعلومات الخاصة بعملائهم رغم علمهم بأنه يعمل بوزارة الداخلية.

عقوبة مخففة

 وذكرت المحكمة في أسباب حكمها أنه نظرا لظروف الدعوى وملابساتها بالنسبة للمتهمين الرابع والخامس فإنها تأخذهما بقسط من الرأفة وتنزل بالعقوبة لحد الحبس، عملا بمقتضى المادة (72) من قانون العقوبات، ولما كان الثابت من أخلاقهما وماضيهما ما يحمل على الاعتقاد أنهما لن يعودا إلى ارتكاب جريمة جديدة، الأمر الذي تنتهي معه إلى شمول حكمها بوقف التنفيذ عملا بالمادتين (81 و83) من ذات القانون.

 أسباب البراءة

 وبشأن براءة الرئيس التنفيذي للبنك -المتهم الثاني- قالت إنه يكفي أنها تشككت في صحة إسناد الاتهام المسند إليه لكي تقضي بالبراءة؛ لأنها وبعدما استعرضت وقائع الدعوى ترى أن الاتهام المسند إليه تحيط به ظلال من الشك والريبة، وأن للواقعة صورة أخرى غير تلك التي قررها ضابط التحريات والمتهمة الثالثة، وأنهما أحجما عن ذكرها لإسباغ الشرعية عليها.

آية ذلك أن المتهم الأول قرر بالتحقيقات أنه على علاقة صداقة سابقة بالمتهمة الثالثة وهي من طلبت منه أن يمد البنك بالحالة الجنائية للعملاء طالبي القروض، باعتبار أنها على علم أنه يعمل بوزارة الداخلية، فرفض بالبداية لكنها أبلغته أن العمل قانوني وسيتقاضى عنه مقابل من البنك بين 400 إلى 500 دينار، فالتقاها بالبنك وكان بحوزتها عقد موقع من المتهم الثاني، والذي لم يلتقي به أو يعرفه ولم يبلغه بطبيعة عمله كونه لم يتحدث معه.

فضلا عن أن المتهم الثاني طلب منها جلب شركة تمد البنك بالمعلومات التي يتطلبها المصرف البحرين المركزي للعملاء الراغبين بالحصول على القروض، وأنها هي من جلبت له المتهم الأول لمعرفتها المسبقة به، وهو ما زاد المحكمة اطمئنانا وأوصلها لحد اليقين بأن ما أقدم معه المتهم الثاني لإبرام عقد مع الأول كان مرجعه أنه يستطيع التوصل للبيانات من خلال البحث من خلال المحاكم والجرائد الرسمية حسبما قرر وأخبرته المتهمة الثالثة أنه محل اختبار سابق منها وأنه لم يكن على علم بأن الأول يعمل بالداخلية وإلا لما أقدم على تحرير ذلك العقد ليثبت على نفسه ارتكاب جريمة الرشوة وهو ما لا يمكن تصوره من شخص بمستواه الفكري، فضلا عن إنكاره أثناء التحقيق معه بما نسب إليه، وترجح دفاع المتهم كونه أولى بالاعتبار مما عداه مما يتعين معه عملا بنص المادة (255) من قانون الإجراءات الجنائية القضاء ببراءة المتهم ما نسب إليه من اتهام.

عفو للاعتراف

 أما بشأن طلب الإعفاء المقدم من المتهمة الثالثة، فأفادت أنه لما كان من المقرر أنه وفقا لنص المادة (193) من قانون العقوبات أنه إذا بادر الشريك بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية أو اعترف بها قبل اتصال المحكمة بالدعوى، عُدَّ ذلك عذرا مخففا للعقوبة، ويجوز للقاضي إعفاؤه من العقوبة إذا رأى محلا لذلك.

ولما كان ذلك وكان الثابت للمحكمة أن المتهمة اعترفت بتحقيقات النيابة وقبل اتصال المحكمة بالدعوى أنها توسطت بين المتهم الأول والرئيس التنفيذي للبنك لإمدادهم بالمعلومات الجنائية باعتبار أنه يعمل بالداخلية ولديه تلك القدرة رغم علمها أن تلك الطريقة غير قانونية، الأمر الذي تكون معه الشروط التي أوجبتها المادة آنفة البيان قد تحققت في جانب المتهم مما يتعين معه إعفاؤها من العقاب عن التهمتين المسندتين إليها.

المرافعة والدفوع

وكان قد ترافع المحاميان عبدالرحمن غنيم وإسلام غنيم عن المتهمين الثاني والرابع والخامس، وتساءلا أنه إذا كانت نية المتهمين انصرفت لرشوة المتهم الأول، فلماذا أبرم البنك معه عقد عمل يتقاضي بموجبه مبلغ 300 دينار شهريا.

ودفع وكيل المتهم الثاني في الاتهام الخاص بالاشتراك في جناية الرشوة بعدم قبول الدعوى الجنائية لتحريكها بغير الطريق الذي رسمه القانون ومن غير ذي صفة وعلى غير ذي صفة، وببراءة موكله من الاشتراك في الرشوة لعدم قيام أركان الجريمة في حقه والمنصوص عليها بالمادة (186) من قانون العقوبات.

كما دفع المحامي إسلام غنيم عن المتهمين الثاني والرابع والخامس، والمتهمين بالاشتراك في جناية إفشاء الأسرار، بخطأ النيابة العامة في قيد ووصف واقعة الاتهام بإحالة المتهمين بموجب المادة (371) من قانون العقوبات بدلا من المادة (58/1/ط) من القانون رقم (30) لسنة 2018 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية، وطلب براءة المتهمين الرابع والخامس من تهمة إفشاء معلومات سرية المعاقب عليها بموجب المادة (371) من قانون العقوبات البحريني لانتفاء أركان الجريمة وصفة السرية عن المعلومات محل الاتهام، واحتياطيا بانتفاء علم المتهمين الرابع والخامس بالظرف المشدد (صفة الموظف العام) المنصوص عليها بالمادة (371) من قانون العقوبات، كون أنهم لم يكونوا يعلمون بأن المتهم الأول موظفا عاما.

والتمس من المحكمة قبل الفصل في الموضوع بتعديل القيد الوارد في أمر الإحالة في حق المتهمين الثاني والرابع والخامس لتصبح المواد الواجبة التطبيق إما المادة (58/1/ط) من قانون رقم (30) لسنة 2018 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية أو المادة الرابعة والمادة السادسة فقرة (و) من القانون رقم (16) لسنة 2014 بشأن معلومات ووثائق الدولة بدلا من المادة (371) من قانون العقوبات.

وفي الموضوع طلب براءة موكليه من تهمة إفشاء الأسرار المعاقب عليها بموجب المادة (371) من قانون العقوبات لانتفاء أركان الجريمة المذكورة، ولعدم تقديم النيابة العامة الدليل على وجود أداة قانونية تصنف درجة سرية المعلومات الخاصة بالحالة الجنائية للأشخاص في النظام القانوني البحريني.

كما طالب وكيل المتهمة الثالثة ببراءة موكلته مما نسب إليها من اتهامات، باعتبار أنها لم تقم بأي مخالفة قانونية، وأنها هي من تقدمت بعقد العمل المبرم بين المتهم الأول والبنك إلى المصرف المركزي، مطالبا -بشكل احتياطي- بوقف تنفيذ العقوبة أو إعفائها منها في حال ارتأت المحكمة إدانتها.

وكانت أحالتهم النيابة العامة للمحاكمة على اعتبار أنهم في غضون الفترة من سبتمبر 2016 وحتى سبتمبر 2019، ارتكبوا الآتي:

أولا: المتهم الأول:

1-   حال كونه موظفا عاما طلب بشكل مباشر عطية لأداء عمله وذلك بأن طلب من المتهمين الثاني والثالث مبلغ 10 آلاف دينار مقابل قيامه بتزويد البنك بمعلومات سرية عن العملاء المتقدمين للحصول على قروض.

2-   قام بصفته موظفا عاما بإفشاء أسرار مستودعة عنده بحكم عمله في غير الأحوال المصرح بها قانونا واستعملها لمنفعة شخص آخر.

ثانيا: المتهمين الثاني والثالثة: اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة من الأول في ارتكاب جناية الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته، ومواراة لمبلغ الرشوة تم تحرير عقد بينهم.

ثالثا: المتهمين من الثاني حتى الخامس: اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جناية إفشاء الأسرار المبينة بالبند أولا/2.

http://www.albiladpress.com/news/2020/4153/bahrain/629472.html