براءة طبيب من التسبب في وفاة مريضة.. وإلغاء حكم بحبسه

img

المحكمة: مسؤولية الطبيب تقع في حال تعمد التقصير أو الإهمال

ألغت‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬الجنائية‭ ‬الكبرى‭ ‬حكما‭ ‬بحبس‭ ‬طبيب‭ ‬مدة‭ ‬سنة‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أدين‭ ‬بالتسبب‭ ‬وآخرين‭ ‬في‭ ‬وفاة‭ ‬مريضة‭ ‬بسبب‭ ‬خطأ‭ ‬طبي‭ ‬تسبب‭ ‬فيه،‭ ‬إذ‭ ‬حكمت‭ ‬المحكمة‭ ‬ببراءة‭ ‬المتهم‭ ‬مما‭ ‬أسند‭ ‬إليه‭ ‬وأمرت‭ ‬بإلغاء‭ ‬العقوبة‭.‬

وأكدت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬مهنة‭ ‬الطب‭ ‬تستلزم‭ ‬ترك‭ ‬قدر‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬الاستقلال‭ ‬للطبيب‭ ‬والعمل‭ ‬تتناسب‭ ‬وحرية‭ ‬المهنة‭ ‬بحيث‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬حالة‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬ويكون‭ ‬له‭ ‬حق‭ ‬المفاضلة‭ ‬بين‭ ‬الأساليب‭ ‬المختلفة‭ ‬ليختار‭ ‬وسيلة‭ ‬العلاج‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬مناسبة‭ ‬للحالة‭ ‬بين‭ ‬يديه،‭ ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مسؤولية‭ ‬الطبيب‭ ‬تثور‭ ‬اذا‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يؤد‭ ‬عمله‭ ‬الجراحي‭ ‬وفقا‭ ‬لأصول‭ ‬علمية‭ ‬مقررة‭ ‬أو‭ ‬خالفها‭ ‬وبالتالي‭ ‬يكون‭ ‬الطبيب‭ ‬مسؤولا‭ ‬بحسب‭ ‬تعمده‭ ‬العمل‭ ‬ونتيجة‭ ‬تقصيره‭ ‬أما‭ ‬ان‭ ‬التزم‭ ‬الطبيب‭ ‬بأداء‭ ‬عمله‭ ‬وفق‭ ‬الأصول‭ ‬العلمية‭ ‬والثابتة‭ ‬فلا‭ ‬مسؤولية‭ ‬عليه‭ ‬ايا‭ ‬كانت‭ ‬نتيجة‭ ‬علاجه‭ ‬اذ‭ ‬لا‭ ‬يضمن‭ ‬للمريض‭ ‬الشفاء‭ ‬بل‭ ‬يلتزم‭ ‬ببذل‭ ‬العناية‭ ‬الكافية‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬استقرت‭ ‬عليه‭ ‬أحكام‭ ‬القضاء‭. ‬وأضافت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬القضاء‭ ‬مستقر‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬وجود‭ ‬قدر‭ ‬ضروري‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬مرتبط‭ ‬بطبيعة‭ ‬التدخل‭ ‬الجراحي‭ ‬لإجراء‭ ‬العملية‭ ‬الجراحية،‭ ‬فان‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬العملية‭ ‬الجراحية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬بذل‭ ‬العناية‭ ‬المطلوبة‭ ‬والالتزام‭ ‬بالأصول‭ ‬الطبية‭ ‬الثابتة‭ ‬فانه‭ ‬لا‭ ‬مسؤولية‭ ‬على‭ ‬الطبيب‭ ‬تجاه‭ ‬المريض‭.‬

وحول‭ ‬تفاصيل‭ ‬الواقعة‭ ‬قال‭ ‬المحامي‭ ‬إسلام‭ ‬غنيم‭ ‬إن‭ ‬النيابة‭ ‬أسندت‭ ‬إلى‭ ‬موكله‭ ‬أنه‭ ‬وآخرين‭ ‬تسببوا‭ ‬بخطئهم‭ ‬في‭ ‬موت‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬بسبب‭ ‬خطأ‭ ‬طبي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬دخولها‭ ‬في‭ ‬غيبوبة‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬توقف‭ ‬الوظائف‭ ‬الحيوية‭ ‬لديها‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬وفاتها،‭ ‬وقضت‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬بمعاقبته‭ ‬بالحبس‭ ‬مدة‭ ‬سنة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬طعن‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬سند‭ ‬مخالفة‭ ‬القانون‭ ‬والخطأ‭ ‬في‭ ‬تطبيقه‭ ‬والفساد‭ ‬في‭ ‬الاستدلال‭ ‬والقصور‭ ‬في‭ ‬التسبيب‭.‬

ودفع‭ ‬بأن‭ ‬الخطأ‭ ‬الطبي‭ ‬الذي‭ ‬تنعقد‭ ‬به‭ ‬مسؤولية‭ ‬الطبيب‭ ‬يتحدد‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التزامه‭ ‬ببذل‭ ‬عناية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فالخطأ‭ ‬الطبي‭ ‬يقتضي‭ ‬تقصيرا‭ ‬في‭ ‬مسلك‭ ‬الطبيب،‭ ‬وعدم‭ ‬بذله‭ ‬العناية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬سيرعاها‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬مستواه‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الظروف‭ ‬المحيطة‭ ‬وبذات‭ ‬الإمكانات‭ ‬المتاحة‭ ‬له،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ ‬27‭ ‬من‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ ‬7‭ ‬لسنة‭ ‬1989‭ ‬بشأن‭ ‬مزاولة‭ ‬مهنة‭ ‬الطب‭ ‬والتي‭ ‬قننت‭ ‬مسؤولية‭ ‬الطبيب‭ ‬أنه‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬المريض‭ ‬إذا‭ ‬أهمل‭ ‬أو‭ ‬قصر‭ ‬في‭ ‬العناية‭ ‬به‭ ‬ولم‭ ‬يبذل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يستطيع‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬وحذق‭ ‬وحيطة‭ ‬في‭ ‬تشخيص‭ ‬المريض‭ ‬ووصف‭ ‬العلاج‭ ‬المناسب‭ ‬له‭ ‬ومباشرته‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬ظروفه‭ ‬مما‭ ‬يوجب‭ ‬على‭ ‬الطبيب‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬الجراحية‭ ‬مراعاة‭ ‬حالة‭ ‬المريض‭.‬

وأكدت‭ ‬المحكمة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬مسؤولية‭ ‬الطبيب‭ ‬بمجرد‭ ‬وقوع‭ ‬الخطأ‭ ‬وحدوث‭ ‬الضرر‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوافر‭ ‬علاقة‭ ‬السببية‭ ‬بينهما‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬ينشأ‭ ‬الضرر‭ ‬نتيجة‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬ارتكبه‭ ‬المسؤول‭ ‬ولا‭ ‬يقع‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬يصيب‭ ‬المريض‭ ‬نتيجة‭ ‬خطأ‭ ‬الطبيب‭ ‬وحده‭ ‬اذ‭ ‬قد‭ ‬تسهم‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬أخرى،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬انتفاء‭ ‬مسؤولية‭ ‬الطبيب‭ ‬نتيجة‭ ‬تدخل‭ ‬تلك‭ ‬العوامل‭. ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬الثابت‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬الدعوى‭ ‬أن‭ ‬اللجنة‭ ‬الطبية‭ ‬لتقرير‭ ‬الأخطاء‭ ‬الفنية‭ ‬لم‭ ‬تتوصل‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬لوفاة‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬وخاصة‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬واعية‭ ‬وقت‭ ‬خروجها‭ ‬من‭ ‬غرفة‭ ‬الافاقة،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تبين‭ ‬الأوراق‭ ‬خطأ‭ ‬الطبيب‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬محاسبته‭ ‬عليه،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتعين‭ ‬معه‭ ‬الغاء‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬والقضاء‭ ‬ببراءته‭ ‬مما‭ ‬منسوب‭ ‬إليه‭.‬