«التنمّر الإلكتروني» يتفشّى.. ونحتاج لنصوص تشريعية حازمة
- أرسلت بواسطة Mohamed Qamber
- نشر في الاخبار
حاجة ملحّة لتعديل قانوني العقوبات والطفل.. بموازاة توعية تبدأ من مناهج التعليم
توافقت آراء مجموعة من المحامين على ضرورة تصدي المشرع البحريني إلى ظاهرة التنمر التي أصبحت متفشية بشكل كبير في المجتمع، وباتت تشكل خطرا على الأفراد.
وطالب محامون في حديثهم لـ«الأيام» بسنّ قوانين ونصوص تشريعية خاصة بالتنمر بشتى أنواعه ومجالاته، ونشر التوعية وتوفير التدابير اللازمة لتفادي هذه الظاهره ومحاربتها.
واعتبر المحامي إسلام غنيم أن إضافة نص تجريمي لقانون العقوبات لتجريم فعل التنمر والعقاب عليه لهو تدخل تشريعي في غاية الأهمية، لوضع تنظيم قانوني لهذه الظاهرة الاجتماعية التي باتت تزداد وتؤرق المجتمع، فالقانون الجنائي لا بد أن يكون معاصرًا لكل التطورات التي قد تستحدث بهدف وضع تنظيم لها يحد منها إن كانت تشكل خطورة على أفراد المجتمع.
واعتبر غنيم أن المقترح الذي تقدم به مجلس النواب بإضافة مادة جديدة لقانون العقوبات يعتريه بعض القصور، إذ يتعيّن وضع تعريف ابتداءً للمقصود بالتنمر المنصوص العقاب عليه، حتى لا يُحدث النص بهذا الشكل تضارب في التفسير وتناقض في التطبيق.
وطالب غنيم أن يكون النص المقترح أكثر دقة ليتناول تجريم التنمر الذي يشمل عبارات التمييز العنصري للعرق او اللون أو الدين او الاصل، كما ينبغي ان يتضمن النص صورًا لظروف تشدد فيها العقوبة لتكون الحبس فقط دون الغرامة، كما ينبغي أخيرًا النص ان تكون هذه الجريمة من الجرائم التي يجوز فيها الصلح بين المتهم والمجني عليه.
وقالت المحامية نفيسة دعبل إن الأمر يتطلب معالجة كاملة للفصل الرابع بقانون العقوبات المتعلق بالقذف والسب، وإدراج فعل التنمر معها بحيث تكون هناك نظرة شمولية في التعديل المطروح من ناحية تغطية جميع الأفعال وتجريمها، وإبعاد التناقض في العقوبات المدرجة مع الفعل، فلا تكون لذات الفعل أو الجرم عقوبتان، كما يجب أن يكون هناك قدر من الملاءمة والموازنة بين جسامة الفعل وبين العقوبه، فلا نضع مثلًا لفعل أقل حدة عقوبة أكثر جسامة، وعليه فالمعالجة والتعديل تتطلب رؤية شموليه متفحصة.
وذكرت دعبل أن هناك قضايا تتعلق بالتنمر ازدادت في الآونة الاخيرة، وتم الرجوع في ذلك للمواد الموجودة بقانون العقوبات، كالمادة 364 من قانون العقوبات مثلا، عندما يتعرض أحدهم للازدراء او الحط من الكرامة بإحدى طرق العلانية، والتي تُعد وسائل التواصل الاجتماعي إحداها، مضيفة أنه عندما يتعرض احدهم للقذف والسب بطريق الهاتف فنعود للماده 366.
وأكدت دعبل أن التعديل بإضافة المادة (369 مكررًا) يتطلب رؤية شمولية للفصل بأكمله، ليكون معها التعديل منتجًا، ويبتعد عن الترف التشريعي فحسب.
وأفادت المحامية جنات الموسوي أن التنمر الإلكتروني يُعد جريمة في حال سعى المتنمر إلى إتيانها ومضايقة الضحية، فالواقع العملي في هذا المجال أصبح بتزايد ويطارد كل الأشخاص وليس في مكان معيّن.
وأشارت إلى بعض القضايا التي مرّت عليها، منها تعرض أحد موظفي المجال الطبي لتنمر من قبل مريضه الذي كان يطارده في وسائل التواصل الاجتماعي بقيامه بإرسال صور وكلمات لفظية جنسية تخدش الحياء وإزعاجه بأفعاله، ما اضطره إلى اللجوء للجهات المختصة لتقديم بلاغ ضد المتنمر.
وأشارت الموسوي إلى أن تلك الظواهر أصبحت متفشية بشكل كبير وتشكل خطرًا على المجتمع، وبدورنا نمثل جهة القانون في المملكة نطالب بسن قوانين أو نصوص تشريعية خاصة بالتنمر الإلكتروني وضبط الأشخاص المتنمرين، ونشر التوعية وتوفير التدابير اللازمة لتفادي هذه الظاهرة ومحاربتها، وتشديد العقوبات في هذا الجانب لما لها من تأثير سلبي على المتنمرين عليهم، وأن تؤخذ الشكاوى على محمل الجد والتحقيق فيها فورًا.
من جانبها، قالت المحامية أمينة مصطفى إن التنمر الإلكتروني بحسب تعريف «اليونسيف» هو تنمر باستخدام التقنيات الرقمية، ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات المراسلة ومنصات الألعاب والهواتف المحمولة، وهو سلوك متكرر يهدف إلى إخافة أو استفزاز المستهدفين به أو تشويه سمعتهم.
وذكرت مصطفى ان وقائع التنمر عديدة، لكن الظاهر منها قليل لضعف الوعي لدى الضحايا الذين لا يقومون بالإبلاغ عن الواقعة عند وقوعها، فيتسبب ذلك في ضياع حقهم، ولذلك وجب الابلاغ عن أي واقعة تنمر فور حدوثها، ولا بد أن يكون لدينا علم بالقانون، خاصة أن لدينا قوانين كافية للتصدى لظاهرة التنمر، لكنها متناثرة ولا تجتمع حول نص واحد.
وأبدت مصطفى أملها أن يكون القانون البحريني على غرار القانون المصري بشأن تشديد العقوبة إذا توافر أحد ظرفين، أحدهما وقوع الجريمة من شخصين أو أكثر، والآخر إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه، او من المتولين تربيته او ملاحظته او ممن لهم سلطة عليه، أو كان مسلما إليه بمقتضى القانون او بموجب حكم قضائي، او كان خادما لدى الجاني.
وأكدت مصطفى ضرورة أن يتضمن التشريع آليات لكيفية إثبات التنمر، حتى لا يكون هناك تجنٍّ على الطرف الآخر، وأن يتضمن قواعد في سهولة التطبيق، فهذا التشريع سيسهم في الحد من الضرر النفسي للشخص المتنمر به، والتي تصل في بعض الأحيان إلى إصابته بأمراض نفسية. ومن ناحية أخرى، فإن التشريعات وحدها لا تكفي للقضاء على تلك الظاهرة، لذا يجب ان تكون هناك خطة تتعاون فيها جميع الجهات التربوية
والثقافية لتغيير ثقافة المجتمع.